و انا ماشى فى الشارع النهارده لقيت رجل عجوز ماشى بالراحه خالص بشبهه عليه الراجل افتكرته من 15 سنه كان عامل ازاى كان يمشى فى الارض يرجها زى ما بيقولوا كان بصحته
على طول افتكرت الايه الكريمه اللى بتقول وَمَن نُّعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الخَلْقِ أَفَلاَ يَعْقِلُونَ " ( يس:68).قلت ادور على النت على زغلول النجار و هو بيقول المدلول العلمى بتاعها و كان شارح شرح رهيب اسيبكم تقروا
من الدلالات العلمية للآية القرآنية الكريمة
:أولاًً : في قوله ـ تعالى ـ : " وَمَن نُّعَمِّرْهُ " :(العُمْرُ) و( العُمُرُ) اسم لمدة عمارة البدن بالحياة, وعلى ذلك فهو دون البقاء؛ لأن البقاء ضد الفناء, فإذا قيل: طال عمره فمعناه طالت فترة عمارة بدنه بروحه, والعمارة نقيض الخراب, يقال:( عَمَّرتُه) فـ( عَمَّرَ) فهو( مَعْمُور), و( التعمير) إعطاء( العُمْرِ) بالفعل أو بالقول على سبيل الدعاء, وعلى ذلك فإن معنى( نًعَمِّره) نطل عمره . قال ـ تعالى ـ :" وَمَا يُعَمَّرُ مِن مُّعَمَّرٍ وَلاَ يُنقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلاَّ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ "*( فاطر:11) .وقال ـ عز من قائل ـ : " أَوَ لَمْ نُعَمِّرْكُم مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ "*( فاطر:37). وقال ـ وقوله الحق ـ : " وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ ثُمَّ يَتَوَفَّاكُمْ وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ العُمُرِ لِكَيْ لاَ يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ قَدِيرٌ "***( النحل:70) .وقال وهو أصدق القائلين :" ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّى وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ العُمُرِ لِكَيْلا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً " *(الحج:5) .وروى الإمام مسلم في صحيحه عن الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ أنه قال: حدثنا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهو الصادق المصدوق ـ قال: " إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما, ثم يكون في ذلك علقة مثل ذلك, ثم يكون في ذلك مضغة مثل ذلك, ثم يرسل الملك فينفخ فيه الروح ويؤمر بأربع كلمات: يكتب رزقه, وأجله, وعمله, وشقي أو سعيد ".
والآيات الخمس السابقة ـ وأمثالها في كتاب الله كثير ـ والحديث النبوي الشريف المذكور أعلاه ـ وأمثاله أيضاً كثير ـ كل ذلك يؤكد أن أجل كل مخلوق يحدده الله ـ تعالى ـ سلفاً قبل خلقه, وهذا ما أكدته العلوم المكتسبة مؤخراً بإثبات حقيقة أن الأجل مبرمج في الشيفرة الوراثية للمخلوق . ففي سنة1985 م أكتشف كلٌ من جريدر و بلاكبيرن ( Greider& Blackburn) غطاءين طرفيين لكل جسيم صبغي (Chromosome) عرِّفا باسم الغطاءين الطرفيين (The two end capsor telomeres), واكتشف هذان العالمان إنزيماً خاصاً داخلَ الخلية الحية يقوم على رعاية هذين الغطاءين سمياه بإسم الإنزيم الباني للأغطية الطرفية في الجسيمات الصبغية أو ((Telomerase .وفي سنة1986 م اكتشف هوارد كوك ( HowardCooke ) أن طول هذين الغطاءين الطرفيين للجسيم الصبغي يتناقص مع كل انقسام تقوم به الخلية الحية, وأن هناك علاقة مطردة بين فقد أجزاء من طول هذين الغطاءين الطرفيين وشيخوخة الخلية، وعندما يصل طولهما إلى حد معين يتوقف عنده إنقسام الخلية، وتبدأ في الاحتضار حتى تنفجر وتموت ، ولذلك أطلق على هذه الأغطية الطرفية اسم المبرمجات لعدد محدد من الانقسامات, أو عدادات المضاعفات الانقسامية، أو عدَّادات الأجل (Replicometersor Longivity *Meters)، وبذلك ثبت أن الآجال محددة داخل كل خلية بعدد محدد من انقساماتها, وعند توقف انقسام الخلايا تتزايد فيها عمليات الهدم حتى تنفجر وتموت. ولذلك قال ربنا ـ تبارك وتعالى ـ
:" وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَن تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَاباً مُّؤَجَّلاً " ( آل عمران:145) .
" وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَنَحْنُ الوَارِثُونَ " ( الحجر:23) .
" قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ المَوْتِ الَّذِي وَكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ " (السجدة:11) .
" اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَتِي قَضَى عَلَيْهَا المَوْتَ وَيُرْسِلُ الأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُّسْمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ " (الزمر:42) .
" قُلِ اللَّهُ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يَجْمَعُكُمْ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ لاَ رَيْبَ فِيهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ " (الجاثية:26)
." إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا المَصِيرُ " ( ق:43) .
" نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ المَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ " ( الواقعة:60) .
" الَّذِي خَلَقَ المَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ العَزِيزُ الغَفُورُ " ( الملك:2)
.لذلك قال ربنا ـ تبارك وتعالى ـ : " وَمَن نُّعَمِّرْهُ " تأكيداً على أن الأجل قرار إلهي محض لا دخل لمخلوق فيه .
ثانياًً : في قوله ـ تعالى ـ :" نُنَكِّسْهُ فِي الخَلْقِ " :(النكس) في اللغة هو : قلب الشيء على رأسه, والنكس في العمر هو الارتداد إلى أرذل العمر, فتتبدل القوة ضعفاً, والشباب هرماًً, والعقل خرفاً, إلى غير ذلك من نقائض القوة والفتوة .و( النكس) في المرض أن يعود المريض إلى مرضه بعد إفاقته منه . والمعنى الأول هو المقصود هنا؛ لأن الشيخوخة انتكاسة في قوة البدن والحواس, فلا يزال الشيخ يتراجع في قوته البدنية والحسية, فتضعف قوة عظامه، وعضلاته, وأعصابه, وذاكرته, وسمعه, وبصره, وتتساقط أسنانه, ويشيب شعره أو يتساقط, وتتعثر خطواته, وتعتريه الأمراض والعلل حتى لا يستطيع القيام بنفسه دون مساعدة من غيره، فكأنه قد ارتد إلى طفولته الأولى .
والإنسان بعد ميلاده يمر بثلاث مراحل متتالية هي :مرحلة النمو من الطفولة إلى الشباب : وتستمر إلى سن الخامسة والعشرين تقريباً, ومرحلة النضج والرجولة : وتستمر إلى حوالي الخامسة والأربعين, ثم مرحلة الكهولة ثم الشيخوخة أو مرحلة الضمور حتى الوفاة : وتبدأ من بعد الخامسة والأربعين إلى نهاية الأجل .وتبدأ كهولة الإنسان بابتداء ضمور أنسجة وعضلات وغدد جسمه ـ مثل النسيج الحشوي لكلٍ من الكلي والكبد والبنكرياس, وعضلات القلب, والغدة الدرقية ـ مما ينتج عنه إضعاف الجسد كله. كذلك تبدأ الشرايين في الضمور والتصلب مما يؤدي إلى تقليل كميات الدم الواصلة إلى مختلف أعضاء الجسم، فيزيده ضعفاً على ضعف, وإذا علمنا أن طول شرايين الدورة الدموية الصغر يوحدها يتراوح بين (110000,90000 كم) ، أي حوالي ضعف محيط الكرة الأرضية, وأن عددها يصل إلى حوالي الثلاثين بليوناً من الشرايين والأوردة, وأنها تصل إلى كل زاوية من زوايا الجسم البشري اتضح لنا خطورة التغيرات الضارة عليها ، مثل الضمور أو التصلب .ومن أهم أسباب الشيخوخة زيادة قوى الهدم(Catabolism) داخلَ الخلايا على قوي البناء المعروفة باسم الأيض أو الإستقلاب (Metabolism)؛ وذلك لأن خلايا الجسم كلها في تغير مستمر ماعدا خلايا كل من المخ والنخاع والأعصاب، فإن ما يهلك منها على طول الحياة لا يعوض .وفي مراحل النمو تتجدد الخلايا بمعدلات أسرع من معدلات هدمها, وفي مراحل النضج يتساوى المعدلان تقريباًً, وفي مراحل الشيخوخة تزيد معدلات الهدم على معدلات البناء, وعندما يحدث ذلك في نسيج عضو من الأعضاء فإنه يبدأ في الضمور حتى يتعطل عن أداء وظيفته بكفاءته العادية أو يتوقف عن ذلك بالكامل .
وكلما تقدم السن بالإنسان تضاءلت عنده عملية تجدد الخلايا, وزادت معدلات هدمها وهلاكها, وبالتالي يظهر الضمور العام في مختلف الأنسجة والأعضاء، علماً بأن معدلات تجدد الخلايا وضمورها تختلف باختلاف أنواعها, فخلايا البشرةالكاسية للجسم, وخلايا الأغشية المبطنة لكلٍ من الجهاز الهضمي وقنوات الغدد المختلفة في الجسم تضمر بمعدلات أسرع من غيرها كلما تقدم بالإنسان العمر, وهذا هو السبب الرئيسي في أمراض الشيخوخة العديدة، والتي منها ما يلي :
(1) وهن العظام أو هشاشتها ( OSTEOPOROSIS ) : يلاحظ أنه مع تقدم العمر وتزايد معدلات الهدم على معدلات البناء، فإن الهيكل العظمي يدخل في مرحلة الوهن لامتلائه بالفراغات الناتجة عن تناقص عنصر الكالسيوم, وبذلك تزداد هشاشته فيسهل كسر أي جزء منه, وتتباطأ سرعة التئام ما كسر منه, ومن أكثر العظام المعرضة للكسر عند كبر السن هي عظام الورك, والمعصم, والعمود الفقري. وعادة ما تتضاغط الفقرات في العمود الفقري فتؤدي إلى شيء من قصر القامة, أو إلى حدوث شيء من التحدب في الظهر, نتيجة لضعف العضلات وتآكل الغضاريف، مما يحدث آلاماً شديدة, وقد يؤدي إلى التهابات المفاصل المختلفة الروماتيزمية وغيرها . ويرجع وهن العظام عند التقدم في العمر إلى توقف إفراز أعداد من الهرمونات المهمة, وإلى نقص واضح في أعداد من الفيتامينات أهمها فيتامينD ، ونقصه يتسبب في تراجع معدلات امتصاص عنصر الكالسيوم من الدم . كذلك يتسبب في وهن العظام عند كبر السن الاضطراب في إفراز أعداد من الهرمونات، مثل هرمون جار الدرقية المعروف باسم( Para-Thormone )، وأية زيادة في إفرازه تؤدي إلى نخر العظام, وبالمثل فإن الإفراط في إفراز أو تعاطي الكورتيزون يؤدي إلى تثبيط عمل الخلايا البانية للعظام .
(2) ضعف العضلات : لوحظ أنه بعد سن الخامسة والأربعين يبدأ في التناقص كلٌ من كتل الأنسجة العضلية, وعدد الوصلات العصبية العضلية, بينما تبدأ زيادة كتل الأنسجة الليفية والدهنية بالتدريج مع تقدم العمر، خاصة مع قلة الحركة وتوقف ممارسة الرياضة البدنية.
(3) ضعف كلٍ من القلب والجهاز الدوري: مع تقدم السن تبدأ بعض الخلايا العضلية للقلب في التلف, بينما تبدأ بعض الأنسجة الليفية والدهون في التراكم على كلٍ من عضلات القلب والجدر الداخلية للأوعية الدموية، فتعمل على إضعافها أو انسدادها جزئياً أو كلياًً, وإذا علمنا أن طول هذه الأوعية في الدورة الدموية الصغري وحدها يتراوح بين(90000 و110000) كيلو متر, وأن أعدادها تتجاوز الثلاثين بليوناً من الأوردة والشرايين, وأنها تتفرع لتنتشر في كل زاوية من أجزاء الجسد المختلفة, أدركنا خطر انسدادها أو انسداد أيٍ من تفرعاتها العديدة, وبذلك التراكم للألياف والدهون على عضلات القلب وأوعيته المختلفة تقل كفاءته تدريجياً في ضخ الدم, كما تقل معدلات انقباضه وانبساطه, وتزداد نسب الإصابة بتصلب الشرايين، فيرتفع ضغط الدم, وتزداد احتمالات تكون الجلطات الدموية التي قد تفضي إلى الموت .
(4) التدهور التدريجي للجهاز العصبي : وذلك لأن كلاً من الخلايا العصبية وخلايا المخ والنخاع إذا ماتت لا يحل محلها بديل, ومن هنا فإن أعدادها في تناقص مستمر كلما امتدت بالمرء الحياة، بدءاً من أواخر الأربعينيات إلى نهاية الأجل ، ومن أعراض ذلك ضعف الذاكرة قصيرة الأمد, ومعها يبدأ ضعف العديد من الحواس كالسمع والبصر, وضعف العديد من القدرات، كالقدرة على الإمساك بالأشياء والقبض عليها, والقدرة على الاستجابة للمؤثرات والإحساس بها, وقد يصاب الطاعن في السن بشيء من النسيان والخرف والذهول عن كلٍ من الزمان والمكان والأهل والأقارب والمعارف, وقد تتعرض شخصيته إلى شيء من التغيير مع تراكم العديد من المواد الدهنية بين الخلايا والألياف العصبية الحية، والتي تعرف باسم لطع الشيخوخة (Senile (Plaques تكثر عادة في منطقة الناصية ـ وهي منطقة اتخاذ القرار في المخ ـ ونتيجة لذلك فإن بعض الطاعنين في السن قد يصابون بمرض الذهان أو فقد الذاكرة((Alzheimer, وأمراض الاكتئاب والوسوسة والخوف, وغيرها من الأمراض النفسية(Psychosis) التي قد تنتهي إلى شيء من الهوس والهيجان أو الجنون .
(5) ضعف الجهاز التنفسي: لتناقص كفاءته بالتدريج مع الزمن, فيصاب الطاعنون في السن عادة بالعديد من أمراض التهاب كلٍ من الرئتين, والغشاء البريتوني المغلف لهما, والشُّعَب الهوائية والأجزاء المتصلة بها, وبغير ذلك من أمراض الجهاز التنفسي .
(6) ضعف الجهاز الهضمي : نظراً لتناقص أو اضطراب إفراز كلٍ من العصارات والإنزيمات المساعدة في عملية هضم الطعام, فإن قدرات الجهاز الهضمي تأخذ في التناقص مع تقدم السن, مما قد يؤدي إلى تكون القرح والنزيف إلى زيادة المعاناة في عمليات الإخراج, خاصة مع قلة الحركة والنشاط البدني . هذا بالإضافة إلى ضعف قدرة الأسنان على القضم والطحن, إن لم تكن قد تساقطت بعد, وضعف القدرات على البلع .
(7) ضعف الجهاز البولي/التناسلي : وذلك نظراً للنقص التدريجي في إفراز العديد من الإنزيمات الخلوية في الكلى مما يضطرها إلى فقد بعض وحداتها، مما يؤدي إلى التناقص التدريجي في كفاءتها أو إلى فشلها بالكامل في بعض الحالات .كذلك فإن النقص الفجائي في إفراز العديد من الهرمونات عند الإناث بمجرد الدخول في سن اليأس, والنقص التدريجي عند الذكور في إفراز نظائرها من الهرمونات يؤدي إلى ضعف النشاط التناسلي بالتدريج حتى يتوقف تماماً في مراحل الشيخوخة المتأخرة .
(8) التناقص التدريجي في قدرات جهاز المناعة مع التقدم في العمر، مما يؤدي إلى تناقص قدرة الجسد على مقاومة الأمراض، فيمرض لأقل وباء يتعرض له, وليس هذا فقط, بل قد يصل جهاز المناعة في هدمه إلى العجز عن التمييز بين خلايا الجسد السليمة وبين الأجسام الغريبة الغازية له, فيبدأ في مهاجمة خلاياه التي خلق ـ أصلاً ـ للدفاع عنها, فيصاب الجسد بسلسلة من الأمراض المعروفة باسم أمراض فقد التمييز المناعي التي ينتج عنها إضعاف العديد من الخلايا والأنسجة في الجسم وإرباك العديد من العمليات الحيوية فيه .
(9) ضعف الحواس : مع تقدم الإنسان في العمر تأخذ حواسه في الضعف التدريجي، وذلك مثل قدرات السمع والبصر, والتذوق والشم, واللمس والإحساس بالحرارة, والاتزان والوعي .ولتعويض النقص في قدرات تلك الحواس فإن كبار السن كثيراً ما يستعينون بالعديد من الوسائل المساعدة مثل السماعات, والنظارات, والعدسات وغيرها, كما تزداد حاجتهم إلى الإضاءة الشديدة, ويصعب تأقلمهم مع الأماكن المظلمة, وقد يقل عدد خلايا التذوق في اللسان، فتقل قدراتهم على الاستمتاع بالطعام .
(10) انكماش الجلد وتجعده : مع التقدم في السن يتناقص نشاط كلٍ من الغدد العرقية والدهنية، مما يؤدي إلى تجعده وانكماشه, وقد يتغطى جلد الطاعنين في السن بعدد من البقع الداكنة في أجزائه المعرضة للشمس كالوجه والكفين، كما قد يظهر الشعر في وجه بعض السيدات الطاعنات في السن في أماكن الشارب واللحية . وقد يبدأ المسنون في المعاناة من مشاكل جلدية عديدة ، مثل الإصابة بالفطريات, والالتهابات المختلفة, والحساسية الشديدة لبعض الأطعمة والأشربة أو لأشعة الشمس وبعض السرطانات الجلدية, والحلأ النطافي (Shingles) وغيرها .(11) شيب الشعر أو تساقطه : وذلك بفقده التدريجي للعديد من خلايا التلوين وخلايا التغذية الموجودة في عمق البصيلة الشعرية, ويخضع نشاطها إلى توافر هرمونات خاصة يتناقص إفرازها تدريجياً مع التقدم في العمر، وقد يصاحب ابيضاض الشعر بالتناقص في كثافته أو بسقوطه إلى حد الصلع الكامل .وقد يكون من أسباب الشيب المبكر التعرض المتكرر لكلٍ من حالات الفزع, والشدائد, والأزمات النفسية, وذلك لما يصاحب تلك الحالات من إفراز مادة الأدرينالين، وهي من المواد القاتلة لخلايا تلوين الشعر .
(12) أمراض أخرى : مع هذا الضعف في قدرات الجسم والاضطراب في مختلف أنشطته قد يتعرض الطاعنون في العمر لأمراض أخطر من الأمراض السالفة الذكر ، مثل السرطانات المختلفة, ومرض باركنسون((Parkinson`s Disease, والشلل بأنواعه المختلفة, وخطل المنطق (Paralogia)، وانفصام الشخصية (Sehizophrenia), وغير ذلك من الأمراض التي نسأل الله تعالى* المعافاة منها ، كما نسأله حسن الخاتمة .من أجل ذلك كله وكثير غيره جاء قول ربنا ـ تبارك وتعالى ـ : " وَمَن نُّعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الخَلْقِ " (يس:68) أي: ومن نطل في عمره إلى أرذل العمر نرده من القوة إلى الضعف, ومن الشباب إلى الهرم, ومن رجاحة العقل إلى خطل المنطق والذهان وفقد الذاكرة, ومن الانشراح والإقبال على الدنيا إلى الاكتئاب والوسوسة والخوف من كل شيء ، حتى الهوس والهيجان والجنون إلا من رحم ربك . ومن هنا فقد سمَّى ربنا ـ تبارك وتعالى ـ ذلك كله بالنكس ـ أي الارتداد ـ من حال أفضل إلى حال أسوأ, ولا أجد تعبيراً عن هذا التحول أفضل من التعبير" نُنَكِّسْهُ فِي الخَلْقِ " . ولذلك قال ـ تعالى ـ : " وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ ثُمَّ يَتَوَفَّاكُمْ وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ العُمُرِ لِكَيْ لاَ يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ قَدِيرٌ " ( النحل70) . وقال ـ عز من قائل ـ : " اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً "* ( الروم54) .
ثالثاًً : في قوله ـ تعالى ـ :" أَفَلاَ يَعْقِلُونَ "الشيخوخة عبرة لمن لا يعتبر؛ لأنها انتكاسة من القوة إلى الضعف, يُرى فيها الطاعن في السن تراجع عافيته يوماً بعد يوم, وتكدس الأمراض على جسده الضعيف فيزداد ضعفاً على ضعف, واعتلالاً بعد اعتلال, وقد وهنت عظامه فتعثر في خطواته, وضعفت عضلاته وسمعه وبصره وأعصابه, وغابت عنه ذاكرته فنسي ما كان قد علم إلا من رحم ربك .وهذه العاقبة التي يراها الناس كلَّ يوم ولا يعتبرون بها تنتظر كل كافر ومشرك وضال فاسد ظالم ممن لم يحسنوا الاستفادة بشبابهم، فأهدروه في معاصي الله, أو في التجبر على خلق الله, فلا يجدوا في حالة ضعفهم عند أرذل العمر عوناً لهم أو مقيلاً لتعثراتهم، لا من الله ولا من الناس, وحينئذٍ لا تنفعهم أموالهم ولا أولادهم ولا مناصبهم شيئاً .أما المؤمنون الصالحون، العابدون القانتون لله، فيزدادون في آخر العمر نضارة ونوراًً, يحفظ الله ـ تعالى ـ عليهم شيئاً من عافيتهم, ويقيض لهم من يقف دوماً إلى جانبهم جزاء ما قدموا من خير في مقتبل أعمارهم .والمراد من تقرير هذه الحقيقة التأكيد لكل ذي بصيرة على أن الدنيا معبر للآخرة, وهي بذلك دار زوال وانتقال, وليست دار خلود وقرار, ولهذا قال ـ تعالى ـ في ختام الآية الكريمة " أَفَلاَ يَعْقِلُونَ " أي : أفلا يتفكرون في أن الدنيا ليست بدار قرار، وهم يرون تحولهم من الميلاد إلى الطفولة, ثم إلى الشباب والبلوغ والرجولة, ثم إلى الكهولة والشيخوخة والموت ؟ ، وأنهم خلقوا ـ في الحقيقة ـ لدار أخرى أبدية خالدة, لا زوال لها, ولا رحيل عنها, ولا انتقال منها, وهي الدار الآخرة التي يجب أن يعملوا لها، وأن يستعدوا استعداداً حقيقياً للرحيل إليها بنجاح, مع عدم إهمال الدنيا؛ لأنها هي مزرعة الآخرة؟ .هذه الحقائق تتراءى للناس كلَّ يوم, ويمر بها كل مخلوق, ولكن قليلون جداً الذين يعتبرون بها, وكلما تقدمت العلوم المكتسبة اكتشفت مزيداً من انتكاس الإنسان كلما وصل إلى أرذل العمر ليزيد فهمنا لهذا المعنى القرآني الجليل : " وَمَن نُّعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الخَلْقِ أَفَلاَ يَعْقِلُونَ " (يس:82)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق